آثار عمل المرأة خارج البيت
وتركها لعملها داخل البيت
من العرض السابق يتبين لنا أن عمل المرأة الأول
هو تربية الأسرة داخل البيت، وهي وظيفة كبيرة بأعمالها وآثارها. وأن خروج المرأة لبعض الأعمال
التي لابد أن تقوم بها مثل العمل في تدريس البنات أو طب النساء أو غير ذلك- مع أهميته- يعتبر استثناء
وليس هو الأصل.
فهل يصح أن نقول: إن المرأة إذا بقيت في البيت وتفرغت لمهمة تربية الآمرة تبقى معطلة. ما هي
مقاييس البطالة؟ وما هي مقاييس الإنتاج.
إن معظم الدراسات العربية والغربية لدور المرأة تستخدم مؤشرات ومقاييس مضللة، مثل: نسبة المرأة العاملة في المناصب الرئيسة والتنفيذية، نسبة المرأة في الأحزاب، نسبة الناخبات.. الخ.
وهذه المؤشرات تعطى نسبة عن واقع ما، لكن هذه الدراسات لم تقدم تحليلاً عميقاً ومؤشرات لأثر ذلك على المرأة والمجتمع.
إن المرأة حين تخرج لتعمل ناسخة آلة أو سكرتيرة في مكتب، تعتبر غير عاطلة، مع أن هذا العمل يؤديه أي شاب عاطل، وإذا جلست تؤدي أهم وظيفة في البيت، لا يمكن أن يقوم بها على الوجه الصحيح غيرها قالوا: إنها عاطلة. إنها انتكاسة الفطرة حين تحيد عن منهج الله قال تعالى: {وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى} [طه: 124].
إن الهدف المعلن لعمل المرأة خارج المنزل هو استغلال طاقتها والاستفادة من قدرتها، هذا هو الهدف الوحيد المعلن، لكن ما هي آثار ذلك على المرأة وعلى المجتمع، وهل يستحق هذا الهدف- إن صح وجوده- تحمل السلبيات الناجمة عن ذلك ومنها:
1- فقد البيت قوام التربية السليمة، حيث يبقى الأطفال مع الخادمة.
2- ضعف أداء الرجال بسبب فقد البيت الهادئ.
3- آثار نفسية على المرأة لما تلاقيه خارج المنزل،ولما فقدته وتحن إليه داخل المنزل.
4- آثار اقتصادية على الأسرة حيث تتحمل راتب خادمة ومربية وسائق وسيارة وملابس وزينه للعمل.
5- انتشار البطالة في قطاع الشباب حيث تشغل المرأة عدداً من الوظائف التي يمكن أن يشغلوها.
6- زيادة العمالة الوافدة.
7- كثرة التحرش بالنساء العاملات وما يحصل لهن من إيذاء.
8- انتشار العنوسة بين النساء.
9- التفكك الأسري وكثرة الطلاق وتشرد الأولاد.
10- كثرة الأمراض الاجتماعية والخلقية والجنسية.
11- إرهاق أجهزة الدولة بالبحوث والأعمال، لتلافي الآثار الناجمة عن خروج المرأة في النواحي الأمنية والاجتماعية والطبية لهذه الأسباب ولغيرها دعت دول العالم لتقديم حلول ودراسات وبحوث علمية لحل المشكلات الناجمة عن خروج المرأة، وعقدت المؤتمرات لدراسة الآثار الناتجة عن تخلي المرأة عن دورها .
واقع المرأة في الغرب والدول
التي سارت على نهجه
في خروج المرأة
قد يقول بعض الذين فتنهم ما يسمى بحضارة الغرب، وفرض عيهم الواقع ضغوطه، وأصبحوا لا يفكرون إلا من خلال أوضاع اجتماعية معينة، يقول هؤلاء: إن هذا كلام عاطفي ويرفعون واقع الدول الغربية والدول التي سارت على نهجه حيث خرجت المرأة للعمل خارج البيت، وتركت عمل البيت لغيرها، يرفعون هذا الواقع مثالاً لما يريدون أن يصلوا بالمرأة المسلمة إليه. نقول لهؤلاء تعالوا إلى واقع الغرب نفسه وتأملوا بتجرد. إن الغرب وإن تقدم مادياً لكنه تأخر اجتماعياً وخلقياً وأصبحت حضارته معرضة للسقوط، وبدأ بعض المفكرين الغربيين يحذرون مما وصلت إليه حال المرأة وحال الأسرة.
تقول كاتبة غربية شهيرة في مقال نشر في جريدة "الاسترن ميل " عام 1901 م: (لأن يشتغل بناتنا في البيوت خوادم أو كالخوادم خير وأخف بلاء من اشتغالهن في المعامل، حيث تصبح البنت ملوثة بأدران تذهب برونق حياتها إلى الأبد، إلا ليت بلادنا كبلاد المسلمين، فيها الحشمة والعفاف والطهارة رداء، الخادمة والرقيق يتنعمان بأرغد عيش ويعاملان كما يعامل أولاد البيت ولا تمس الأعراض بسوء نعم إنه لعار على بلاد الإنجليز أن تجعل بناتها مثلاً للرذائل بكثرة مخالطة الرجال. فما بالنا لا نسعى وراء ما يجعل البنت تعمل بما يوافق فطرتها الطبيعية من القيام في البيت وترك أعمال الرجال للرجال سلامة لشرفها) .
فانظر إلى كلام هذه المرأة وقد مضى عليه قرن من الزمان كيف وحال المرأة الغربية أسوء بكثير مما كانت تتحدث عنه.
ويقول جول سيمون: (المرأة التي تشتغل خارج بيتها تؤدي عمل عامل بسيط ولكنها لا تؤدي عمل امرأة) .
والرد على هؤلاء المفتونين بواقع المرأة في الغرب، حيث يعتبرونها قد أخذت حقوقها، وانخرطت أشكال العمل فما يناسبها ومما لا يناسبها، الرد يأتي من الغرب نفسه، ففي أمريكا وإسرائيل أصبحت الشكوى على أشدها من نتائج انخراط المرأة في الجيش، تأمل هذه الإحصائيات:
* أكدت اللجنة الاستشارية بوزارة الدفاع الأمريكية المسئولة عن المجندات أن مسحاً أجراه البنتاجون على تسعين ألف من المجندات في الجيش كشف عن أن هناك 15% من المجندات تعرضن للاعتداء الجنسي بينما تعرضن 60% منهن لشكل من أشكال التحرش الجنسي.
وذكرت تسع عشرة امرأة يخضعن للتدريب كميكانيكيات بالجيش أنهن كن هدفاً للتحرش الجنسي من قبل قادتهن في قاعدة أبردين.
وقد تم تركيب خط هاتف من قبل الجيش لتلقي الشكاوى من المجندات فتلقى في شهر واحد 135 شكوى عن التحرش الجنسي بمعسكرات التدريب أحيلت إلى التحقيق.
* وفي إسرائيل أعلن عن بدء تطبيق خطة إلغاء خدمة النساء في الجيش الإسرائيلي بعد أن أصدر الكنيست تشريعاً بذلك إثر تزايد ظاهرة حمل المجندات سفاحاً.
تزايدت معاناة الأطفال الناجمة عن الانهيار الأسري وانتشار المخدرات، ومن الإحصاءات التي
أوردتها وزارة الصحة الأمريكية ما يلي:
* يتعرض الأطفال بدءاً من سن ثلاث سنوات إلى الإيذاء الجنسي وتزيد نسبة إيذاء الفتيات ثلاثة أضعاف عن إيذاء البنين.
* ظاهرة الملل من الحياة الزوجية والاضطرار بالتالي لفصم عراها بحثاً عن ملاذ زوجي جديد أصبحت ظاهرة مكررة في الحياة الأمريكية، ضربت استقرار الأسرة في الصميم.
* تقول الإحصائيات إن أكثر من سبعين مليوناً من الأطفال الأمريكيين يعيشون في كنف أسر العائل البديل .
هذه نماذج وأمثلة من واقع الحياة الغربية، ومنه نرى كيف أن اليهود بحثوا عن الحل لبعض المشكلات فوجدوه في عدم تجنيد المرأة، ويبحث الأمريكان عن مثل هذا الحل. أما عند المسلمين فلا زال هناك من يدعو لتحرير المرأة وتجنيدها وإيصال المجتمع إلى مثل هذا الجحيم الذي تعيشه المجتمعات الغربية، إن دلالة هذه الإحصائيات واضحة، ولسنا بحاجة إليها ولكن نوردها لعل أولئك المفتونين بحياة الغرب يصحون من سباتهم.
وفي الختام نقول: إن الأمر واضح وجلي للمؤمنين والمؤمنات الذين إذا قضى الله ورسوله أمراً لم يكن لهم الخيرة في قبوله، قال تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا} [الأحزاب: 36].
إن ضغط الواقع الذي تعيشه المرأة في المجتمعات تركت فيه القرار في البيت وتساوت مع الرجال في العمل أوجد حيرة عند البعض في مسائل تتعلق بالمرأة، وكيف يوائم بين ما يراه من واقع وبين النصوص الشرعية، فأعاد النظر في النصوص الشرعية وأخذ يقلب فيها عله يجد تبريراً لبعض الصور التي يراها، وهي نظرة فيها انهزامية لكن يبقى أصحابها على احتياط وخوف من تجاوز حدود الله.
لكن هناك فئة مرضت قلوبهم- نسأل الله العافية- فتجاوزوا حدود الله ولم يكن لديهم أشكال في اختلاط المرأة بالرجال، بل ليس عندهم بأس في إقامة علاقة بين المرأة والرجل الأجنبي عنها، حتى ولو أدى ذلك- عياذاً بالله- إلى الزنا مادام برضا الطرفين فهؤلاء لا أظن الحوار بهذه الطريقة صالحة معهم إنما يحتاجون إلى حوار حول أصول الشرع ومسلماته، لأنه مادامت الأسس والمسلمات مع هؤلاء غير متفقة فما تفرع عنها مما يتعلق بشؤون حياة المرأة سوف يبقى غير متفق.
نسأل الله تعالى أن يهدي ضال المسلمين، وأن يوفق الأمة الإسلامية لالتزام شرع الله في جميع مناحي الحياة، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
=====================================
نسأل الله العلي العظيم رب العرش الكريم أن ينفعنا بما نقلنا عن السيد الدكتور محمد بن صالح الفوزان وأن يهدي نساء الأمة إلي ما فيه الخير .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخيكم في الله
ياسر طلعت